إلى أي مدى يمكن أن تصل قوة الإرادة؟

إلى أي مدى يمكن أن تصل قوة الإرادة؟ Powerf10

في عام 1982، رفعت أم من جورجيا تُدعى “أنجيلا كافالو”، سيارة شيفروليه إمبالا من فوق ابنها المُحاصَر.

كان الإبن يحاول إصلاحها من الأسفل عندما انكسر مقبس السيارة.

أنجيلا هي امرأة متوسطة الحجم، لكنها رفعت السيارة التي يبلغ وزنها حوالي 1350 كغ لمدة خمس دقائق بينما سحب الجيران جسد ابنها الجريح من تحتها.

كلنا سمعنا قصصًا من هذا القبيل، ولكن ما هو التفسير العلمي وراءها؟ هل يمكن لقوة الإرادة حقًا منحك القدرة على رفع سيارة في حالات الطوارئ؟

– كأن تقول: »يجب أن أرفع هذا الشيء الثقيل لإنقاذ طفلي« – وكم يمكن أن تبلغ شدة قوة الإرادة؟

للأسف، لا يمكن للعلماء تحديد قوة الإرادة برقم معين، علمًا أنه في بعض الحالات، من الواضح أنها تكفي لتضخيم العضلات إلى حد رفع شخص عادي مئات الكيلوغرامات.

يقول عالم حركات الجسم من جامعة جنوب كاليفورنيا “بوب جيراندولا”: »نعرف كلنا ماهية اندفاع الأدرينالين ولكن لم يتمكن أحد من حسابه كميًا.

« والعائق الرئيسي في البحث هو عدم إمكانية تكرار تجارب الاقتراب من الموت في المختبر.

وعند حدوث إحداها – أي عندما يُحاصر شخص ما تحت سيارة مثلًا – لا يوجد علماء فسيولوجيا لتدوين الملاحظات أثناء الحادثة.

ومع ذلك، يدرك العلماء جيدًا كيف يبث الدماغ القوة العضلية المفاجئة في الجسم.


يبدو أن هذه القوة العظمى المفاجئة هي جزء من ما يسمى «باستجابة الكر أو الفر«.

يقول جوردون لينش وهو عالم فيزيولوجي بجامعة ملبورن في استراليا »كان أسلافنا القدماء يتعرضون إلى حالات تتفعل فيها استجابة الكر أو الفر كثيرًا، فقد واجهوا مواقف اضطروا فيها إما إلى الفرار من الحيوانات أو إلى قتالها حتى الموت، للبقاء على قيد الحياة«.

عندما تواجه خطر ما، فأنت بحاجة -سواءً اخترت القتال أو الهروب- إلى أن تكون حواسك وعضلاتك وردات فعلك في أفضل أداء ممكن مولدةً قوة هائلة قد تتجاوز قوتك الطبيعية العادية في بعض الحالات.

وقد أنتج التطور آلية لضمان حدوث ذلك.

وفقًا لجيراندولا، فإن أداء جسدك يتغير صعودًا وهبوطًا مثل الإبرة في عداد الدوران – وهو المقياس في لوحة عدادات السيارة الذي يظهر عدد الدورات بكل دقيقة.

وفي هذا يقول جيراندولا لدورية Life’s Little Mysteries: »في عداد الدوران، يوجد خط أحمر لا يجب أن تتجاوزه السيارة لألا ينتزع المحرك.

وهذه هي الحال مع أداء الجسم، يوجد حد معين من الإجهاد لا يجب أن تتجاوزه وإلا قد تنكسر عظامك أو تتمزق عضلاتك.«

ولكن في حالات الخطر الشديد، يندفع الأدرينالين، المعروف أيضا باسم إبينيفرين، من الغدد الكظرية.

قال جيراندولا »سيجعلك الأدرينالين تتجاوز الخط الأحمر على عداد الدوران«.

وقال لينتش، الذي بحث في المسارات الكيميائية التي تؤثر على قوة العضلات، »يعزز اندفاع الأدرينالين تدفق الدم إلى العضلات، ويسرع عملية التمثيل الغذائي (الاستقلاب) ويعزز قدرة العضلات على التقلص لإنتاج قوة أكبر مما نحتاج عادةً لأداء معظم المهام التي نقوم بها في الحياة اليومية.

قد يمكّننا اندفاع الأدرينالين في حالات التوتر الشديد والخطر، من تحقيق القوة الحقيقية للعضلات والتي لا يمكن تحقيقها طوعًا.«

يفعّل الأدرينالين المزيد من الوحدات الحركية، وهي الأعصاب والألياف العضلية التي تسيطر عليها.

ويقول لينش: »عند أداء معظم المهام، نحن نفعّل عدد قليل من الوحدات الحركية، أو بما يكفي لإنجاز المهمة على النحو المطلوب.

أما المهام شديدة الصعوبة والتي تتطلب قوة أكبر، فيجب تفعيل المزيد من الوحدات الحركية لإنجازها.

في كثير من الحالات، قد لا نتمكن من تفعيل كل الوحدات الحركية الموجودة، إلا إذا واجهنا حالات نادرة تتفعّل فيها استجابة الكر أو الفر.«

في الدماغ، يخفض الأدرينالين من مستوى الخوف.


قال جيراندولا: »ستتصرف بطرق غير اعتيادية عندما تتجاهل خوفك.

« أخذ الكاميكازي -الانتحاريين اليابانيين الذين قاتلوا خلال الحرب العالمية الثانية- الأمفيتامينات (الأدوية التي تشبه الأدرينالين كيميائيًا)، لتنفيذ مهامهم القاتلة دون خوف.

باختصار، يجعلنا الأدرينالين نتصرف دون خوف من الخطر المحدق، ونبذل كل ما بوسعنا لإنجاز المهمة الصعبة التي تواجهنا.

توجد صعوبة أخرى في تحديد مدى قوة استجابة الكر أو الفر، وهي أن الجميع مختلفون.

وقال لينتش: »لن تكون ردود فعل جميع الناس هي ذاتها عند التعرض للحالات ذاتها من الإجهاد الشديد أو الخطر، وبالتالي لن يمتلك كل شخص يواجه هذا الموقف قدرة استثنائية على الأداء بمستوىً يفوق الخيال، بما في ذلك الأشخاص الأقوياء جدًا.»

أما بالنسبة إلى سؤال: ما هي درجة قوتك؟ قد تعرف الجواب يومًا ما.

المصدر