هل كان كوكب الزهرة "حيًا"؟ هذا ما تقوله الأدلة

هل كان كوكب الزهرة "حيًا"؟ هذا ما تقوله الأدلة Venus-10

يشبه كوكب الزهرة الأرض في نواحٍ كثيرة.

فلهما نفس الحجم والكتلة، وهو أقرب لنا من أي كوكب آخر، كما أنه على الأغلب تشكل من نفس نوع المواد التي شكلت الأرض.

لسنوات.. حلم العلماء وكتّاب الخيال العلمي في الغابات الغربية وأشكال الحياة التي يجب أن توجد على سطح التوأم الشقيق للأرض (الزهرة).

كتب (ديفيد غرينسبون-David Grinspoon)، عالم أبحاث في معهد الجنوب الغربي للبحوث في بولدر-Boulder، كولورادو، في كتابه (اكتشفت الزهرة-Venus Revealed) بأنه من خلال (مارينر٢-Mariner 2) والبعثات الأخرى إلى كوكب الزهرة: « لقد اكتشفنا أن كوكبنا الشقيق غريبٌ كيميائيًا وحارٌ وجافٌ إلى أبعد حد.» مع تلك الاكتشافات، اختفت فكرة (الكوكب التوأم) بسرعة، لتترسخ فكرة أن الزهرة (جحيم).

فقط 20% من نسبة ضوء الشمس الواصل للزهرة يخترق الغيوم أما الـ 80% الباقية فتصتدم بالغيم لتنعكس وتعود للفضاء.

ضوء الشمس المنخفض هذا لا يجعل من كوكب الزهرة عالمًا باردًا، على أية حال، لأن الغلاف ثنائي أوكسيد الكربون السميك ( الذي يحيط بالكوكب) يحفظ حرارته.

غالباً ما يستشهد في الاحتباس الحراري في كوكب الزهرة كمثال على الكابوس الذي يمكن أن يصيب الأرض إذا لم نسيطر على التلوث.

يشرح غرينسبون-Grinspoon، في مقابلة صحفية، كيف أن كوكب الزهرة تطور من كوكب رطب مشابه للأرض إلى الفرن الحارق والجاف الذي هو عليه اليوم.

ثم يناقش احتمالية أن الكوكب كان مأهولًا بالحياة في الماضي.

حوار بين مجلة علم الأحياء الفلكية_ Astrobiology journal و العالم ديفيد غرينسبون :
مجلة علم الأحياء الفلكية: كم تبلغ درجة حرارة الزهرة اليوم؟
ديفيد غرينسبون: إنها ٧٣٥ على السطح. لذا فإنها تولد 900 فهرنهايت. إنها ليست معتدلة بالضبط.


المجلة:لقد قلت أن هناك تحولين جيولوجيين رئيسيين منفصلين على الزهرة والذين أوصلاه إلى حالته اليوم.

ديفيد:حسنًا، إنها وجهة النظر التقليدية التي تقول بأنه كان هناك تحولين رئيسيين، أما نحن فنقترح بأنه تتابع واحد شامل.


لقد كان التحول الأول الكبير في تاريخ الزهرة هو خسارة المحيطات. نحن لا نعلم إذا كانت هناك محيطات على الزهرة، ولكن لدينا كل الأسباب التي تجعلنا نعتقد ذلك.

جميع الآليات التي زودت الأرض بمصدر المياه الأولي يجب أن تكون قد عملت في الزهرة أيضًا، سواء جاء ذلك مع الصخور الأصلية التي شكلت الكوكب، أو جاءت في ما بعد مع المذنبات.

ليس من المفترض أن تكون الزهرة قد أفلتت من الشيء الذي أعطى للأرض المياه.

المجلة: حتى لو كانت أكثر حرارة؟ لماذا لا تكون قد تبخرت كل المياه ببساطة؟
ديفيد: من المرجح أنها بدأت بفقدان المياه مباشرة.

ولكن مع ذلك يشيع الاعتقاد بأنها زودت بكميات من المياه أقل من كمية الأرض.

المجلة : كم من الوقت يفترض بأنها استمرت على الكوكب؟

ديفيد : هذا غير مؤكد على الإطلاق.

فاليوم لا توجد مياه سائلة على السطح، ولكن هناك كمية ضئيلة في الغلاف الجوي.

فليس هناك أي إشارة على وجود أي شكل من أشكال التضاريس التي تجعلنا نعتقد بأن الماء كان على السطح للألف مليون عامًا السابقة.

ككوكب حديث، كانت الزهرة تخسر الأوكسجين بسرعة في الفضاء.

تبخرت المحيطات، وبعد فترة من الزمن، ربما 600 مليون عام، لم يكن هناك ماء على السطح. ثم أصبح السطح والمناخ على هذه الحالة التي نراها اليوم.

المجلة: إذًا، فقد الماء قبل قرابة الأربعة مليارات عامًا السابقة، عند نهاية فترة المقذوفات الثقيلة؟
ديفيد: نعم، تقريبًا في هذا الوقت.

الآن بسرعة لنتقدم إلى وقت أقرب في الزهرة.

لقد بدأنا بفهم قصة تطور السطح إلى حد كبير بفضل بعثة ماجيلان-Magellan mission في التسعينيات.

وكانت المفاجأة الأكبر لبعثة ماجيلان هي إن السطح كله يبدو بأن له نفس العمر تقريبًا أي (تشكل في نفس الوقت) وهذا ما أسميه أنا بالتحول الكبير الثاني.

تغير شيءٌ ما على الزهرة قبل 600 أو 700 مليوم عام ليجعل للسطح كله نفس العمر.


إن استخدام كلمة كارثية قد يضلل بعض الناس.

ولكن حدث شيء مثير على الكوكب محا جميع آثار السطح الأقدم.

وصل الكوكب إلى مرحلة ما قبل التأهيل، في الأساس، قبل 600 أو 700 مليون عام.

المجلة: هل أذابت السطح قوة ساحقة؟ أم أنها كانت الأنفاس الأخيرة للنشاط البركاني؟
ديفيد:من الجلي، مهما كان التحول الكبير الثاني،فإنه ينطوي على كميات هائلة من البراكين.

يمكنك أن ترى تلك التدفقات والتي يبدو أنها فيضانات من الأحجار البركانية المنتشرة في كل مكان، وهي تغطي 80% من الكوكب. والشيء اللافت للنظر أنها تبدو جميعها لها نفس القدم.

المجلة: إذًا إما أنه قد حدث شيئًا ما في ذلك الوقت، أو أن شيئًا ما قد توقف عن الحدوث؟
ديفيد: تمامًا.


مسألة الحياة

المجلة: كنت قد اقترحت، على النقيض من وجهة النظر التقليدية، أن الزهرة احتفظت بمياهها ربما لمدة ملياري عام.

ماهي الآثار بالنسبة لقابلية السكن؟
ديفيد: بالنسبة لقابلية السكن فإن الزهرة بشكل قطعي تقريبًا كان فيها ماء في بداية نشوئها.

لذا فإن ظروف نشوء الحياة هناك مرضية مثلها مثل الأرض أو المريخ.

وهناك شيء آخر مثيرًا للإهتمام يتعلق ببداية نشوء الزهرة وهو أنها من المحتمل كان لها غلاف جوي غني بالاكسجين.

ويضيف قائلًا: سوف تخسر الأرض محيطاتها في المستقبل، تمامًا مثلما خسرتها الزهرة في الماضي.

كم من الوقت تحتفظ الكواكب بمحيطاتها، هذا يعتمد على بعدها عن الشمس، ولكن الغيوم قد تسمح للكواكب بالاحتفاظ بمحيطاتها في المسافات القريبة من الشمس.

يجيب العالم ديفيد غرينسبون بعد سؤال المجلة له عن اندثار الأدلة على سطح الزهرة، بالتالي:
أنا مؤيد كبير لإرسال بعثات جديدة إلى الزهرة.

يجب علينا فعلًا أن نذهب إلى السطح ننقّب ونحفر في الصخور لنكتشف ماهو التعدين وتاريخ المناطق الأقدم، على وجه الخصوص.

ثم يمكننا أيضًا أن نضع مقاييس جديدة للغلاف الجوي.

إذا استطعنا الحصول على قياسات دقيقة جدًا للنظائر المشعة-isotopes في الغلاف الجوي، أعتقد في حينها نستطيع أن نبدأ بجمع تاريخ تطور الغلاف الجوي ضمن صورة أكثر شمولية مما سبق.

لن يكون من السهل فعل ذلك لأن الزهرة مكان صعب.

إن استكشاف سطحه يشكل تحديًا نظرًا للظروف القاسية، وكذلك لأن الأنشطة الجيولوجية الأخيرة قد دمرت العلامات الظاهرة لذاك التاريخ القديم.


ولكنها هناك في الصخور(الأدلة )، تمامًا مثلما هي الحال عليه في الأرض.

الأرض لديها سطح حديث نسبيًا.

إذا كنت تدرس الأرض من الفضاء، سيكون من الصعب جدًا معرفة تاريخها القديم.

وفي سؤال آخر وجهته له مجلة علم الأحياء الفلكية، عما إذا كانت هناك بعثات أخرى إلى الزهرة وما إذا كانت تلك الرحلات ستجيب عن سؤالنا فيما يتعلق بالحياة على الكوكب، يجب ديفيد غرينسبون :
هناك بعثة مستقبلية لوكالة الفضاء الأوروبية تدعى مصور الزهرة-Venus Express.

لن تعالج هذه البعثة قضايا السطح، ولكنها ستقوم ببعض الدراسات المهمة فيما يتعلق بالعلوم المدارية.

ويستطرد غرينسبون في كلامه قائلًا: إن إرسال أي شيء إلى سطح الزهرة يدوم لفترة كافية تسمح له بأخذ المقاييس يكلف كثيرًا.

فقضاء ساعة واحدة فقط من العلم على سطح الزهرة يكلف أكثر من إرسال بعثة تستمر لما يزيد عن شهر على سطح المريخ.