أنت عند الله غال
ظاهرة الفقر من أكثر المواضع التي عالجها الإسلام عند انتشاره فنجد
المساواة التي حدثت بين الناس والتي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم,
وقد قال الله في كتابه العزيز ( إنَّما الصَّدقاتُ للفقراءِ والمساكينِ
والعاملينَ عليها والمُؤَلَّفَةِ قلوبُهُم وفي الرِّقابِ والغارمينَ وفي
سبيلِ الله وابنِ السَّبيلِ فريضةً من الله والله عليمٌ حكيم ) و نجد عن
إبن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا حسد إلا فى
إثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل و آناء النهار، و رجل
آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل و آناء النهار )
قصة النبي مع زاهر
زاهر بن حرام من الأشخاص الفقراء وكان تاجراً يتنقل كثيراً بين المدينة
والبادية وفي يوم من الأيام وصل للمدينة يبحث عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم حيث لم يجد النبي في بيته فخرج يبحث عنه في الأسواق ويبيع ما معه من
بضاعة, فإذا برجل يحضنه من خلفه فيفزع زاهر ويقول من أنت فحاول التعرف عليه
بالتلفت بسرعة ليعرف من يمسك به فإذا به صلي الله عليه وسلم, فترك نفسه في
يد النبي لينهل من حنانه وابتسم ابتسامة خفيفة وظل ممسكاً بالنبي ليحضنه وليأخذ من بركته.
مزاح جميل
مسكه النبي من يده ونادي في السوق بصوتٍ عال ويقول من يشتري هذا العبد,
كان صلى الله عليه وسلم يبتسم إذا وجبت الابتسامة وكان يغضب للدين أكثر من
غضبه لنفسه وكان عليه أفضل الصلاة والسلام حنون حنان الأب لإبنه وحنان
الولد لأبوه, كان لا يعرف القسوة, وينظر زاهر إلى نفسه وملبسه فيرى نفسه
فقيراً فيقول للنبي وهو يهمس في أذنه إذ والله تجدني كاسداً يارسول الله
فيقول له النبي لكنك عند الله لست بكاسد أنت عند الله غال.
تواضع النبي
كان النبي من أكثر الناس تواضعاً فكان فقيراً مع الفقراء وغني بعلمه مع
الأغنياء رغم أنه أمي ولكنه كان يعرف مالا يعرفه العلماء ومن صور تواضعه
صلى الله عليه وسلم كان ينهي أصحابه عن المدح الكثير له وعن رفعهم له
بالكلمات القليلة حيث قال ( أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله
ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل ) رواه أحمد و
النسائي, هذا كان خلق النبي ليس متكبراً وليس متعالياً على أحد المؤمن أخوه
والمسلم جاره لا يعرف التفرقة بين أحد إلا بالتقوى.
مكانة الإنسان في الإسلام
إن دين الإسلام من الديانات التي كرمت الإنسان ورفعت من شأنه حيث أن
الله تعالى قال في كتابه العزيز
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)
هذه مكانة الإنسان فإنه ليس بحقير فقد قال الله ذلك, وقال
النبي ليعلم أصحابه التواضع والقوام
(لا تَكونوا إمَّعَةً ، تقُولونَ إنْ أحسَنَ النَّاسُ أحسناً ، وإنْ ظَلَموا ظَلَمنا ، ولكنْ وطِّنُوا أنفُسكُم ،
إنْ أحسَنَ النَّاسُ أن تُحسنُوا ، وإنْ أسَاءوا فلا تَظلِموا) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.