حكم التعامل بالفوركس الإسلامي وغيره .. تفصيل كامل ..
بعض الفتاوى التي تم طرحها في هذا الموضوع ..
السؤال:
السؤال : أعلم أن التعامل بنظام الفوركس العادي به ربا ومخالفات أخرى وهو محرم كما
أشار إلى ذلك المجمع الفقهي، وسؤالي حول التعامل مع الفوركس الإسلامي هو
أيضا به بعض المخالفات ولكن ليس فيه الربا الصريح، وأنا لا أقوم فيه إلا
بعملية واحدة أربح بها، وهي شراء الذهب في الرخيص وبيعه في الغالي، وأكسب
فرق السعر، لا أتعامل بغيرها وأحقق منها مكاسب طائلة ، ولكني علمت أن
الفوركس لا يجعلني أتاجر بنقودي التي أودعتها فيه ، بل هي مجرد تأمين على
الخسارة إن حدثت ، ليأخذوا حقهم منها، والمتاجرة تكون عن طريق الرافعة
المالية التي تضاعف المبلغ الذي أودعته ربما إلى مائة ضعف، يعني أنا أودعت
ألف دولار ، وأستطيع إجراء صفقة بمائة ألف دولار، وهم لا يأخذون فائدة على
ذلك، ولكن يستفيدون من فرق السعر بين الطلب والبيع، أي لا يقرضوني لسواد
عيوني ، ولكن لأجل أني لما أقترض فسأقوم بالعملية من خلالهم وسيكسبون ، وإن
كانوا لا يأخذون الربا . فما حكم الأموال التي أربحها ، وإذا كان هناك إثم
فعلى من؟ وهل لو أخرجت مبلغا معينا من ذلك المال تكون حلالا ؟
الحمد لله
المتاجرة بالهامش ، أو بنظام الفوركس صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي
بالتحريم والمنع ، وما جاء في القرار من أسباب التحريم ، لم يسلم ما سمي
بالفوركس الإسلامي! من أكثره .
فأسباب التحريم التي ذكرها المجمع :
1- ” أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ، المتمثل في الزيادة على مبلغ
القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من الربا المحرم “.
فإلغاء بعض المؤسسات التي تتعامل بالمارجن هذه الرسوم ، لا يعني حل معاملتها ، لبقاء المحاذير التالية :
2- الجمع بين سلف ومعاوضة ، وقد ذكرت أنهم لا يقرضونك مجانا ، وإنما لتشتري وتبيع من خلالهم ، فيستفيدون الفرق .
جاء في قرار المجمع : ” ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن
طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في معنى الجمع
بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع …) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
3- عدم حصول القبض فيما يشترط فيه القبض ، كبيع العملات ، والذهب والفضة ، وهذا من ربا النسيئة .
قال المجمع : ” بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف “.
4- الإضرار بالاقتصاد ، وفي قرار المجمع : ” رابعاً : لما تشتمل عليه هذه
المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة ، وخصوصاً العميل
(المستثمر) ، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة . لأنها تقوم على التوسع في
الديون ، وعلى المجازفة ، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات ،
واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار ، بهدف الثراء السريع والحصول
على مدخرات الآخرين بطرق غير مشروعة ، مما يجعلها من قبيل أكل المال
بالباطل ، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية
الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا ، وقد تؤدي إلى
هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة .” انتهى .
فما يسمى بالفوركس الإسلامي ! سلم من محذور واحد وهو رسوم التبييت ، لكنه لم
يسلم من الجمع بين السلف والمعاوضة ، ومن محذور تأخير القبض ، ومن الإضرار بالاقتصاد .
***
فتوى مجمع الفقه الإسلامي بخصوص المارجن والمتاجرة بالهامش ورسوم التبييت والذي عقد في مكة المكرمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد ، وعلى آله وصحبه . أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ، برابطة
العالم الإسلامي ، في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، في
الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12 إبريل 2006م ، قد نظر في موضوع :
( المتاجرة بالهامش ، والتي تعني ( دفع المشتري [العميل] جزءاً يسيراً من
قيمة ما يرغب شراءه يسمّى [هامشاً] ، ويقوم الوسيط [ مصرفاً أو غيره ] ،
بدفع الباقي على سبيل القرض ، على أن تبقى العقود المشتراة لدى الوسيط ، رهناً بمبلغ القرض .
وبعد الاستماع إلى البحوث التي قدمت ، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع ، رأى المجلس أن هذه المعاملة تشتمل على الآتي :
1- المتاجرة ( البيع والشراء بهدف الربح ) ، وهذه المتاجرة تتم غالباً في العملات الرئيسية ، أو الأوراق المالية ( الأسهم والسندات ) ، أو بعض أنواع السلع ، وقد تشمل عقود الخيارات ، وعقود المستقبليات ، والتجارة في مؤشرات الأسواق الرئيسة .
2- القرض ، وهو المبلغ الذي يقدمه الوسيط للعميل مباشرة إن كان الوسيط مصرفاً ، أو بواسطة طرف آخر إن كان الوسيط ليس مصرفاً .
3- الربا ، ويقع في هذه المعاملة من طريق ( رسوم التبييت ) ، وهي الفائدة المشروطة على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه ، والتي قد تكون نسبة مئوية من القرض ، أو مبلغاً مقطوعاً .
4- السمسرة ، وهي المبلغ الذي يحصل عليه الوسيط نتيجة متاجرة المستثمر
( العميل ) عن طريقه ، وهي نسبة متفق عليها من قيمة البيع أو الشراء .
5- الرهن ، وهو الالتزام الذي وقعه العميل
بإبقاء عقود المتاجرة لدى الوسيط رهناً بمبلغ القرض ، وإعطائه الحق في بيع
هذه العقود واستيفاء القرض إذا وصلت خسارة العميل إلى نسبة محددة من مبلغ
الهامش ، ما لم يقم العميل بزيادة الرهن بما يقابل انخفاض سعر السلعة.
ويرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية :
أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ،
المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من
الربا المحرم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون
تجارته عن طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في
معنى الجمع بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه
وسلم : ( لا يحل سلف وبيع …) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي
(3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق
الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
ثالثاً : أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً ، ومن ذلك :
1- المتاجرة في السندات ، وهي من الربا المحرم ، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم ( 60 ) في دورته السادسة .
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز ،
وقد نص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في
دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي
غرضها الأساسي محرم ، أو بعض معاملاتها ربا .
3- بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف .
4- التجارة في عقود الخيار وعقود
المستقبليات ، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته
السادسة ، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعاً ، لأن المعقود عليه ليس مالاً
ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه .. ومثلها عقود المستقبليات
والعقد على المؤشر .
5- أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك ، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعاً .
رابعاً : لما تشتمل عليه هذه المعاملة من
أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة ، وخصوصاً العميل (المستثمر) ، وعلى
اقتصاد المجتمع بصفة عامة . لأنها تقوم على التوسع في الديون ، وعلى
المجازفة ، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات ، واحتكار ونجش
وتقلبات قوية وسريعة للأسعار ، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات
الآخرين بطرق غير مشروعة ، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل ، إضافة
إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى
هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا ، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة
تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة .
ويوصي المجمع المؤسسات المالية باتباع طرق
التمويل المشروعة التي لا تتضمن الربا أو شبهته ، ولا تحدث آثاراً اقتصادية
ضارة بعملائها أو بالاقتصاد العام كالمشاركات الشرعية ونحوها ، والله ولي التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بعض الفتاوى التي تم طرحها في هذا الموضوع ..
السؤال:
السؤال : أعلم أن التعامل بنظام الفوركس العادي به ربا ومخالفات أخرى وهو محرم كما
أشار إلى ذلك المجمع الفقهي، وسؤالي حول التعامل مع الفوركس الإسلامي هو
أيضا به بعض المخالفات ولكن ليس فيه الربا الصريح، وأنا لا أقوم فيه إلا
بعملية واحدة أربح بها، وهي شراء الذهب في الرخيص وبيعه في الغالي، وأكسب
فرق السعر، لا أتعامل بغيرها وأحقق منها مكاسب طائلة ، ولكني علمت أن
الفوركس لا يجعلني أتاجر بنقودي التي أودعتها فيه ، بل هي مجرد تأمين على
الخسارة إن حدثت ، ليأخذوا حقهم منها، والمتاجرة تكون عن طريق الرافعة
المالية التي تضاعف المبلغ الذي أودعته ربما إلى مائة ضعف، يعني أنا أودعت
ألف دولار ، وأستطيع إجراء صفقة بمائة ألف دولار، وهم لا يأخذون فائدة على
ذلك، ولكن يستفيدون من فرق السعر بين الطلب والبيع، أي لا يقرضوني لسواد
عيوني ، ولكن لأجل أني لما أقترض فسأقوم بالعملية من خلالهم وسيكسبون ، وإن
كانوا لا يأخذون الربا . فما حكم الأموال التي أربحها ، وإذا كان هناك إثم
فعلى من؟ وهل لو أخرجت مبلغا معينا من ذلك المال تكون حلالا ؟
الحمد لله
المتاجرة بالهامش ، أو بنظام الفوركس صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي
بالتحريم والمنع ، وما جاء في القرار من أسباب التحريم ، لم يسلم ما سمي
بالفوركس الإسلامي! من أكثره .
فأسباب التحريم التي ذكرها المجمع :
1- ” أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ، المتمثل في الزيادة على مبلغ
القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من الربا المحرم “.
فإلغاء بعض المؤسسات التي تتعامل بالمارجن هذه الرسوم ، لا يعني حل معاملتها ، لبقاء المحاذير التالية :
2- الجمع بين سلف ومعاوضة ، وقد ذكرت أنهم لا يقرضونك مجانا ، وإنما لتشتري وتبيع من خلالهم ، فيستفيدون الفرق .
جاء في قرار المجمع : ” ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن
طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في معنى الجمع
بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع …) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
3- عدم حصول القبض فيما يشترط فيه القبض ، كبيع العملات ، والذهب والفضة ، وهذا من ربا النسيئة .
قال المجمع : ” بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف “.
4- الإضرار بالاقتصاد ، وفي قرار المجمع : ” رابعاً : لما تشتمل عليه هذه
المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة ، وخصوصاً العميل
(المستثمر) ، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة . لأنها تقوم على التوسع في
الديون ، وعلى المجازفة ، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات ،
واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار ، بهدف الثراء السريع والحصول
على مدخرات الآخرين بطرق غير مشروعة ، مما يجعلها من قبيل أكل المال
بالباطل ، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية
الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا ، وقد تؤدي إلى
هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة .” انتهى .
فما يسمى بالفوركس الإسلامي ! سلم من محذور واحد وهو رسوم التبييت ، لكنه لم
يسلم من الجمع بين السلف والمعاوضة ، ومن محذور تأخير القبض ، ومن الإضرار بالاقتصاد .
***
فتوى مجمع الفقه الإسلامي بخصوص المارجن والمتاجرة بالهامش ورسوم التبييت والذي عقد في مكة المكرمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد ، وعلى آله وصحبه . أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ، برابطة
العالم الإسلامي ، في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، في
الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12 إبريل 2006م ، قد نظر في موضوع :
( المتاجرة بالهامش ، والتي تعني ( دفع المشتري [العميل] جزءاً يسيراً من
قيمة ما يرغب شراءه يسمّى [هامشاً] ، ويقوم الوسيط [ مصرفاً أو غيره ] ،
بدفع الباقي على سبيل القرض ، على أن تبقى العقود المشتراة لدى الوسيط ، رهناً بمبلغ القرض .
وبعد الاستماع إلى البحوث التي قدمت ، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع ، رأى المجلس أن هذه المعاملة تشتمل على الآتي :
1- المتاجرة ( البيع والشراء بهدف الربح ) ، وهذه المتاجرة تتم غالباً في العملات الرئيسية ، أو الأوراق المالية ( الأسهم والسندات ) ، أو بعض أنواع السلع ، وقد تشمل عقود الخيارات ، وعقود المستقبليات ، والتجارة في مؤشرات الأسواق الرئيسة .
2- القرض ، وهو المبلغ الذي يقدمه الوسيط للعميل مباشرة إن كان الوسيط مصرفاً ، أو بواسطة طرف آخر إن كان الوسيط ليس مصرفاً .
3- الربا ، ويقع في هذه المعاملة من طريق ( رسوم التبييت ) ، وهي الفائدة المشروطة على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه ، والتي قد تكون نسبة مئوية من القرض ، أو مبلغاً مقطوعاً .
4- السمسرة ، وهي المبلغ الذي يحصل عليه الوسيط نتيجة متاجرة المستثمر
( العميل ) عن طريقه ، وهي نسبة متفق عليها من قيمة البيع أو الشراء .
5- الرهن ، وهو الالتزام الذي وقعه العميل
بإبقاء عقود المتاجرة لدى الوسيط رهناً بمبلغ القرض ، وإعطائه الحق في بيع
هذه العقود واستيفاء القرض إذا وصلت خسارة العميل إلى نسبة محددة من مبلغ
الهامش ، ما لم يقم العميل بزيادة الرهن بما يقابل انخفاض سعر السلعة.
ويرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية :
أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ،
المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من
الربا المحرم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون
تجارته عن طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في
معنى الجمع بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه
وسلم : ( لا يحل سلف وبيع …) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي
(3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق
الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
ثالثاً : أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً ، ومن ذلك :
1- المتاجرة في السندات ، وهي من الربا المحرم ، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم ( 60 ) في دورته السادسة .
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز ،
وقد نص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في
دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي
غرضها الأساسي محرم ، أو بعض معاملاتها ربا .
3- بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف .
4- التجارة في عقود الخيار وعقود
المستقبليات ، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته
السادسة ، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعاً ، لأن المعقود عليه ليس مالاً
ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه .. ومثلها عقود المستقبليات
والعقد على المؤشر .
5- أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك ، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعاً .
رابعاً : لما تشتمل عليه هذه المعاملة من
أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة ، وخصوصاً العميل (المستثمر) ، وعلى
اقتصاد المجتمع بصفة عامة . لأنها تقوم على التوسع في الديون ، وعلى
المجازفة ، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات ، واحتكار ونجش
وتقلبات قوية وسريعة للأسعار ، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات
الآخرين بطرق غير مشروعة ، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل ، إضافة
إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى
هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا ، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة
تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة .
ويوصي المجمع المؤسسات المالية باتباع طرق
التمويل المشروعة التي لا تتضمن الربا أو شبهته ، ولا تحدث آثاراً اقتصادية
ضارة بعملائها أو بالاقتصاد العام كالمشاركات الشرعية ونحوها ، والله ولي التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.